منذ 1 سنة
- عمان : بعد سنين طويلة من بهجة السينما وأفلامها الممتعة لدى رُوادها في العاصمة عمان وإقبالهم المنقطع النظير.. الآن إختلف المشهد كثيراً.. لأن نصف سينمات وسط البلد في عمان اغلقت ابوابها منذ سنوات طويلة . لكن بعض صالات العرض السينمائي ما زالت تقاوم الاغلاق ومنها بالذات السينمات الشعبية التي ظلت تعرض افلاماً بتقنيات ضعيفة !! لكنها تجد رواداً لها -وهم قلة قليلة - من الطبقة الشعبية و العاطلين عن العمل لتمضية الاوقات و الساعات الطويلة في هذه الايام، مثل سينما الكواكب والحمراء وريفولي وفلسطين وعمان ورغدان .
سينما الحمراء
وهنا ذكريات قديمة عن بعض السينمات الشعبية هذه التي لم تُغلق منذ ستينات القرن الماضي : سينما الحمراء هي سينما شعبية كذلك و حديثة بالنسبة لسينما دنيا والكواكب, وهي أرقى من ناحية البناء فسينما الحمراء جميلة و ملفته من الواجهة الامامية, حيث مزينة بقرميد احمر مربع مفرغ الشكل, و لديها صالة انتظار لمشاهدة المناظر الملصقة للفيلم و للافلام القادمة التي ستعرض قريبا في السينما, و السينما واسعة من الداخل, و فيها لوج كبير.
عندما تقدم بي العُمر قليلا في أواخر ستينات القرن الماضي عرفنا نحن أصدقاء الحارة في منطقة رأس العين دار سينما أرقى من دنيا والكواكب !! من حيث البناء و الصالة و الاتساع. فصرنا نذهب اليها بين فترة و اخرى. وسينما الحمراء كانت تعرض كل نوعيات الافلام من عربية حديثة و قديمة, مثل أفلام المطربة ام كلثوم وافلام ليلى مراد وافلام فريد الاطرش وافلام اسماعيل ياسين وافلام عبد الحليم حافظ ووردة الجزائرية ونجاة الصغيرة, وافلام ممثلين اخرين لرشدي اباظة وصلاح ذو الفقار وغيرهم... وافلام لبنانية لصباح وسميرة توفيق, و شاهدت فيها فيلما لبنانيا اسمه (غارو) يتحدث عن شقي مشهور بهذا الاسم كان يحارب عصابة مخدرات و يشاكس جماعات كثيرة منها البوليس. لقد كانت شخصية أشبه بقوتها شخصية (رامبو) الامريكي.
أما الافلام الاجنبية التي كانت تعرض في دار سينما الحمراء عادة فقد كانت نفس الافلام التي سبق عرضها قبل حوالي اسبوع او اسبوعين في دار سينما بسمان, لذلك فقد كنا ننتظر بعض المرات هذه الافلام المعروضة في بسمان لحضورها في سينما الحمراء الشعبية الزهيدة التذاكر بالمقارنة مع سينما بسمان.
أما عن عن نوعية الافلام التي كانت تُعرض في هذه الدار فلا استطيع ان ارتبها زمنيا لأن سينما الحمراء كانت تعرض مزيجا من الافلام الاجنبية في ذلك الوقت القديم, و يمكن أن أذكر أنها كانت تعرض أفلام هرقل وماجستي, التي تحكي قصص واساطير الرومان واليونان عن الحروب وعن الظلم وعن الاستعمار واحتلال الممالك البعيدة, وكانت تلك الافلام في أكثرها من تمثيل : ستيف ريفز, وجوردن ميتشل, وكيرك دوغلاس .. الخ وافلام حربية عن الحرب العالمية الاولى والثانية ضد الالمان, وكيف أن الحلفاء دائما ينتصرون في عملياتهم الحربية والفدائية ضد الالمان, وكانت البعض من تلك الافلام تدور أحداثها في الدول العربية مثل شمال افريقيا ومصر وتونس والمغرب ... وبعد ذلك بفترات صارت تعرض الافلام الحديثة مثل افلام جيمس بوند و الشبيه بها, كذلك صارت تعرض افلام الكابوي (السباغتي) الحديثة ذات الانتاج الحديث الضخم مثل افلام : رنجو, جرينجو, من أجل حفنة دولارات, الطيب والشرير و القبيح, 3طلقات لقيصر, وكانت تلك الافلام أكثرها من تمثيل : كلينت استود, جوليانا جيما, فرناردوسانشو, لي فان كليف و غيرهم, وكانت تلك الافلام الكابوي الحديثة مبهرة ومثيرة للمتابعة لما فيها من تصوير ضخم بالالوان و لقطات بانورامية واسعة وتلك الموسيقى الصحراوية البديعة . و شاهدت كذلك على شاشة تلك السينما بعض افلام فرنسية من تمثيل الفنان الكوميدي : لويس دي فينيس, وبمرور سنوات اخرى صارت السينما الحمراء تعرض أفلاما أجنبية حديثة واخرى تركية من مغامرات العصابات وبعضها كان بالاشتراك مع فريد شوقي أي انها افلام تركية عربية ... تدبلج نسخة ناطقة باللغة العربية ونسخة اخرى باللغة التركية .
و الطريف أن اذكر وفي بعض المرات قديما ربما في السبعينات من القرن الماضي كانت تنقل سينما الحمراء صوت السلام الملكي مع حوار الممثلين و الموسيقى التصويرية الى فسحة الانتظار تحت الصالة و التي يكون ما يزال بعض المتجولين فيها ينظرون الى مشاهد ومناظر وأفيشات الافلام ... ولكن تلك اللفتة (نقل أحداث الفيلم صوتيا) لم يكن يستمر طوال الفيلم او الفيلمين لأن ذلك ربما يكون مزعجا... وعلى كل حال لم أجرب أن اقف طوال فيلم في صالة الانتظار لسماع احداث فيلم كامل.
سينما عمان
سينما عمان كانت وما زالت حسب رأيي قديماً من السينمات الهادئة اللطيفة فلا تزاحم كبير على أبوابها, وهي سينما واسعة كبيرة, وفيها لوج واسع لا ينفصل عن الصالة الا بعدة أمتار فقط, ولكنه متدرج بالعلو وجيد, وهي سينما قريبة من الشارع العام شارع فيصل, لا يحتاج الدخول اليها الى درج طويل, انما الى 5 او 6 درجات فقط.
وأذكر عن هذه السينما أنني حضرت فيها منذ صغري أفلاما كثيرة مثل : أفلام سانتو وهي افلام مصارعة للبطل سانتو رجل مقنع يحارب العصابات والظلم و يحاول افراد العصابات دائما نزع القناع عن وجهه .. وكانت تلك الافلام باللونين الابيض والاسود وتدور اكثر احداثها في الليل حيث كانت تضفي جوا من القلق و الترقب على نفوس المشاهدين, كذلك حضرنا في تلك السينما بعض افلام عن طرزان في الغابة .. وبعض افلام رعب عن شخصية دراكولا وفرانكشتاين, و الكثير من الافلام الحربية التي صارت تشتهر بها هذه الدار لفترة من الزمن, وكانت تعرض بعض الافلام العربية كان أكثرها افلام لبنانية وسورية. والملف للنظر ان هذه السينما كانت تُعتبر الى حد ما سينما « نصف شعبية ونصف راقية. واذكر ان هذه السينما كانت تعرض فيلما واحدا وليس فيلمين ومع ذلك كانت تذاكرها زهيدة الثمن ومناسبة للشباب الصغار مثلي في ذلك الوقت.. لكن بعد سنوات طويلة أخذت تعرض فلمين بتذكرة واحدة .. اما هذه الايام ففيها العرض السينمائي متواصل .
ومن الملفت للنظر كذلك في هذه السينما سينما عمان أنها كانت - في الستينات - السينما الوحيدة التي تعرض شريطا متوسط الطول اي حوالي ربع ساعة او اكثر (قبل بدء الفيلم المعروض) لأفلام قصيرة عن : الزراعة في قناة الغور, و فيلم بعنوان «زهرة المدائن» حيث صوت فيروز بأغانيها الوطنية و مناظر الدبابات العربية الكبرى, وكذلك الافلام السياحية القصيرة حوالي نصف ساعة تقريبا.
أخيرا ومنذ سنوات صارت هذه السينما تعرض افلاما أجنبية مثل الكراتي مع افلام يونانية مثيرة. وشاهدت في تلك الدار فيلما عراقيا اسمه «الحارس» في بداية السبعينيات واذكر أنه في يوم من اعياد عيد الاضحى او الفطر كانت السينما تعرض فيلما عربيا يمثل فيه الفنان توفيق الدقن, فجاء الفنان توفيق الدقن شخصيا وصعد على مسرح السينما و حيا الجمهور و تحدث ببعض الجمل و من ثم أطلق عباراته المشهورة مثل : «الو يا أمم», «الو يا خفرع» وتلك عبارات يحفظها الجمهور لأنه كان يرددها في أكثر أفلامه.
وهناك نوعيات اخرى من الافلام شاهدناها في سينما عمان مثل أفلام «روبن هود» وافلام «زورو» وطرزان وافلام «سوبر مان» وكان ما يزعج الحضور داخل الصالة هو صدور صوت قوي من ماتور كبير يمتص الماء من نبع السينما ليخرجه الى الخارج ... و لكن تلك الاصوات اختفت من داخل السينما الان.
سينما فلسطين
سينما فلسطين .. يذكرنا اسمها بالوطن المحتل فلسطين, و سينما الحسين يذكرنا اسمها بالراحل جلالة الملك الحسين, و من أطلق تلك التسميتين الملتصقتين معا في بناء واحد .. كان رجلا ذكيا .
و سينما فلسطين شعبية تقريبا و لكنها فخمة البناء و المقاعد و الشاشة .. الخ, تعرض فيلمين بتذكرة واحدة .. وعيبها الوحيد في رأيي أنها شاهقة جدا يحتاج من يدخل اليها ان يصعد عددا كبيرا من الشواحط و الدرجات, ومع ذلك فلها جمهورها وروادها لأنها تعرض فيلمين لا فيلما واحدا,/ وتذاكرها مناسبة متوسطة. وفي المدة الاخيرة صار عرض الافلام فيها متواصلا .
وهذه السينما كانت تعرض أكثر الافلام التي سبق عرضها في دار الحسين المجاورة لها بعد مرور اسبوعين أو أكثر من ذلك .
وفي تلك الدار أذكر أنني شاهدت افلاما عربية مثل : ( سيد درويش) تمثيل كرم مطاوع وفيلم (رابعة العدوية) تمثيل نبيلة عبيد, وفيلم شفيقة القبطية تمثيل هند رستم, ومعظم افلام عبد الحليم حافظ وافلام الكوميديين محمد عوض وسمير غانم بالأخص عندما كان يظهر مع ثلاثي أضواء المسرح الضيف احمد وجورج سيدهم وافلام كابوي حديثة ، وفيلم عن الحرية فيلم اجتماعي وطني مصري ,وافلام عربية أخرى كثيرة . وفي سنوات قديمة 1972 شاهدنا فيلما تاريخيا عن الرومان و الاساطير و عن هرقل, وفي اخر الفيلم حدثت الفيضانات و زلازل ودمار أودى بكل القصور و البيوت والناس في تلك المنطقة الرومانية وكانت تلك المناظر فظيعة.. ولكن عندما خرجنا من السينما بعد انتهاء الفيلم كانت السماء تمطر بشدة و بعنف خارج السينما في عمان, وحدثت في عمان يومها بالفعل بعض الفيضانات و تدمير البيوت الصغيرة.. وحمدنا الله يومها أن رجعنا الى بيوتنا بسرعة والا لغرقنا من مياه السوق.. لقد كانت صدفة غريبة, و على ما أظن ان اسم الفيلم, كان يومها (الصواعق السبعة).
وكانت سينما فلسطين كثيرا ما تعرض في مناسبات الاعياد حفلات رقص شعبية مصرية و العاب سحرية و سيرك و غناء شعبي حيث شاهدت ذات مرة المطرب الشعبي المصري (محمد طه) يصدح بمواويله على مسرح فلسطين.
لا توجد تعليقات متاحة.
اكتب تعليق