منذ 1 سنة
هل جنيف 2 آخر قارب للنجاة..؟
ما زال النظام السوري يتمترس خلف الآلة العسكرية الهائلة التي يمتلكها ,وخلف الأجهزة الأمنية و الشبيحة طويلة الباع في التعذيب والقتل وانتهاك حقوق الإنسان .
كما يتمترس خلف ممن حشدهم من بعض الطوائف قصيرة النظر , مدعيا حمايتهم ,ويأتيه المدد من قوى خارجية ,إرهابية , فضلاً عن الدعم الروسي العسكري والسياسي , والذي أدى إلى خراب سوريا وقتل وتشريد شعبها .
النظام يحضر إلى جنيف2 وهو لا يقر بما جاء بجنيف1,ولا يقر بتشكيل هيئة حكم انتقالية ,تحافظ على وحدة سوريا وتقودها إلى بر الأمان وطناً وشعباً.
إن النظام لا يعترف بالثورة والثوار ,ويصفهم بدايةً بأوصاف همجية .ثم وجد ضالته .بدخول مجموعات متطرفة مثل ( داغش ) ,ونسب الثورة والثوار إلى المجموعات الإرهابية , وقد ذهب وفد النظام للمؤتمر على أساس انه يقاوم الإرهاب نيابة عن العالم ويطلب تدخل العالم على هذا الأساس ,وكأن ألعالم في ظل تقدم وسائل الاتصال ,يتصف بالغباء .
فقد جاء وفد النظام إلى المؤتمر وهو يعرف أن النظام قد ارتكب مئات المذابح والمجازر ودمر حضارة وثقافة سوريا كما دمر المدارس والمستشفيات والمساجد ,واعتدى على مسجد خالد ابن الوليد الذي يمثل شعلةً ثقافيةً ودينيةً في بلاد الشام .
النظام يريد أن تحضر المعارضة الداخلية ,وكأن هناك معارضة داخلية بالفعل حيث من يتكلم ويعارض, يناله الاعتقال والقتل, كيف لا وقد تم اعتقال أقارب وعائلات المعارضة ,وتم تصفية كثير منهم (حيث لاتَزِرُ وازِرةٌ وُزر أُخرى).
يدعي النظام انه يقوم على الشرعية, ويطبق مواد الدستور ولا يريد أحدا يتدخل بسيادتهِ. ولكن دساتير العالم العلماني (كما يدعي) تقوم على أن الشعب مصدر السلطات , وتحمي حقوق الإفراد والجماعات وتقيم العدالة وتداول السلطة .ولكن أين الشعب السوري ألان وأين المحاكم العادلة والقوانين المفعّلة .
ونحن نعلم أن موضوع السيادة ,وعدم التدخل في الشأن الداخلي لها حدود , فإن( الفقرة السابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة ) تمنع التدخل بالشؤون الداخلية ,ولكن هذا ليس مطلقاً وبحدود.إذ يحق لمجلس الأمن ,اتخاذ تدابير القمع الواردة في الفصل السابع ,ضد دولةً ما ,من أجل المحافظة على السلم والأمن الدوليين.كما أعطى للمنظمة ,التدخل في الشؤون الاجتماعية وحقوق الإنسان .
لقد صدرت إعلانات واتفاقيات من الأمم المتحدة تدين كل ما يجري من عنف مفرط وتدمير هائل .واتفاقية الجمعية العامة عام 1940 تطالب بحماية النساء والأطفال من الاعتداء والقصف بالقنابل ,واتفاقية عام 1984 تحرم التعذيب وامتهان الكرامة الإنسانية , واتفاقية عام 1981 ,تعتبر استعمال الأسلحة التقليدية ,المفرطة بالضرر أو عشوائية الضرر محرمة ,كالألغام المتفجرة والأسلحة الفسفورية والعنقودية والفراغية, ناهيك عن تحريم أسلحة الدمار الشامل .
كل هذه الأعمال المحرّمة والمعاقب عليها في النظم العالمي يمارسها النظام السوري على شعبه كما ويخالف القوانين الدولية في حصار وتجويع الشعب, وتعذيب وقتل المعتقلين .
النظام يعيش الغطرسة والفوقية, ولا يرى أحدا ولا يرى أعماله الوحشية الفظيعة ,وإن استطاع أن يفلت دولياً فلن يتخلى عن سلوكه ألإجرامي .
في بداية الثورة تدخلت الجامعة العربية وأرسلت المراقبين ولكن النظام لم يلتزم بالاتفاقية ,وقد قال المعلم وزير الخارجية السوري آنذاك (على المراقبين أن يتعلموا السباحة قل أن يأتونا وقد فشل الجامعة في تدخلها ونجا النظام بقارب النجاة الأول . ثم جاء السيد كوفي عنان ,موفد الأمم المتحدة للجامعة العربية ,ومعه المراقبون الدوليون ,ولم يلتزم النظام بسحب القوات من المدن ولا إخراج المعتقلين , وقد نجا النظام بقارب النجاة الثاني وزاد شراسةً في قتل وتهجير الشعب وتدمير المدن . ونجا النظام في قارب النجاة الثالث بعد التهديد الأمريكي وموافقته على نزع السلاح الكيماوي.
وألان وقد حضر الوفدان ,وفد المعارضة ثم وفد النظام إلى جنيف2 والمبني على مبادئ جنيف1 ,وكان حضور وفد المعارضة ,ضرورياً ولو كانت هناك بعض الجهات ,توجه انتقاد لوفد الائتلاف على انه لا يمثل كل المعارضة إذ أنّ أكثر المعارضة إما كانت قصيرة النظر في رؤاها أو البعض منها يطلب مناصب ومواقع على أشلاء الشعب السوري . وأية نتيجة تحققها المعارضة في وقف القتال وإخراج المعتقلين وإغاثة المنكوبين ,مع التوافق على هيئة حكم انتقالية هو نصر للثورة وللمقاتلين .
إلا انه من المتوقع إن وفد النظام, لا يوافق على مبادئ جنيف1 ,في إيجاد هيئة حكم انتقالية ,إلا إذا وجد ضغطً من حليفه الروسي كما حصل في قضية السلاح الكيماوي .وإذا ما انسحب وفد النظام, أو ماطل وراوغ كما هو معهود منه ,فإن قارب النجاة الأخير سينتهي به إلى شواطئ البحر الأسود الشرقي .
وهنا يترتب على العالم أن يتحرك عن طريق مجلس الأمن ,لوقف القتال والعدوان على الشعب السوري ,وإحالة المجرمين إلى العدالة الدولية .
وإذا لم يستطع مجلس الأمن اتخاذ قرار مناسب بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ,بسبب الفيتو الروسي فإن على الأمم المتحدة أن تحيل القضية إلى الجمعية العامة وتتخذ قرار بإجماع تدين النظام وتجرمه وعلى ضوء ذلك لابد من تدخل عربي ودولي دون اللجوء لمجلس الأمن ,للحفاظ على حياة المواطنين السوريين وإرجاعهم لديارهم ومعاقبة المجرمين وإحالتهم للمحاكم الدولية .
*النائب السابق :محمد بخيت المعرعر
*هاتف:0772459421
لا توجد تعليقات متاحة.
اكتب تعليق